السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدرس الثاني الذي رجعت به من العيد هو ذلك الحوار الرباني الرائع في فن الحوار والمخاطبة وذلك الاسيسلام المطلق من قبل الولد الذي يريد أن يقر عين أبيه حتى وهو يدعوه الى الموت المحقق . هذا الحوار الذي ذكره القرآن الكريم وذلك الخطاب الرباني العظيم .ز وكأني والله أشعر بحلاوة وجمال الكلمات وكأني أقرأها لأول مرة .
2- حوار بين الأب وابنه :
" يا بني أني أرى في المنام أني أذبحك ، فانظر ماذا ترى ، قال يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين ."
بكل الحب وكل عاطفة الابوه الكامنة في القلب , قلب عشق ولده الى درجة الهيام ولكن حب الله أشد , قلب يتمنى رضا ابنه ولكن طلبه لرضا الله أشد .. اتمنى أن تغمض عينيك وتغوص في أعماق قلب سيدي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام .
الابن الان أصبح فتي وبلغ مع ابيه السعي وأصبح قرة عين ابيه وخصوصاً بعد أن انقذه الله من الصحراء وحرها وبردها وقسوة المبيت فيها .. كبر الفتي إسماعيل وبلغ مع أبيه السعي وكأني أرى سيدي ابراهيم يصطحب ابنه معه في كل مكان تيمناً به وطلباً لكي يتعلم من الكبار حكمتهم وفصاحة ألسنتهم .. ولكن الرؤيا تتكرر لابراهيم وكأنه يراها حقيقة ماثلة أمامه في يقظته ومنامه ورؤيا الانبياء وحي أي لابد من تنفيذها لانها من قبل الله سبحانه وتعالى .. وهنا قد يسال سائل ماذا لو كان قال إسماعيل لأبيه لا ؟!! أو قال أنها أضغاث أحلام ؟!! أو قال أنها ربما تكون وساوس شيطان؟!! ماذا كان سيحدث لآبي الانبياء لو هرب ابنه وتوارى عن عينيه ؟!! هل كان سيكف إبراهيم عن تنفيذ أمر الله؟!! ويقول يا رب انه ابني الوحيد الذي أتي إلي بعد طول شوق .. أو لو مات هذا الفتي عندما كان في الصحراء لكان وقع الصدمة على أخف من ذلك .ز أو لو أن الله أمر غير أبيه بذبحه لكان الامر أهون .. او لو أن الله أمره بوضع السم في الطعام لكان ألين في القلب دون رؤيه ولكن الامر بالذبح المباشر هو الذي أتي وسطر ذلك في القرآن ..
*** لماذا طلب إبراهيم رأي ابنه في أمر قتله ؟!!
لم يطلب إبراهيم من ابنه أن يدلي برأيه في أمر من أوامر الله ولكن إبراهيم طلب رأي ابنه لكي يسمع منه إجابه تشفي صدره وتخفف عنه وطأ وحده السكين الذي سوف يذبحه به .. كلمات تثلج صدره وتزيح همه وتنفس عنه كربه .. كلمات تنم عن أن بذرته قد أنبتت صلاحاً وتقوى ... وها قد سمعها الاب الذي أحسن التربية .. الاب المبتلى منذ البداية .. الاب الواثق من تقوى وصلاح ابنه .. وجاءت الاجابة التي يطول انتظارها دون تلكؤ أو تفكر في الامر ...ما دام الله أمر فما على العبد الا التنفيذ .. " يا أبت افعل ما تؤمر "... من اين جاء الولد بتلك الفصحاحة والجرأه .. انها حتماً من ذلك الفتي الذي حطم الاصنام ( أعني ابيه ) ومن أمه الصابرة التي قالت كلماتها المحفورة في القلوب "اذاً لن يضيعتا "
*** لماذا قال اسماعيل " ستجدني ان شاء الله من الصابرين ؟!!"
اقول عندما قال سيدنا موسى للخصر ستجدني ان شاء الله صابراً " لم يصبر لانه اغتر بصبره وظن انه لا يوجد أحد على وجه الارض صابراً مثله ... ولكن إسماعيل عندما قال لابيه : " ستجدني ان شاء الله من الصابرين " أي أنني لست افضل من الصابرين قبلي ولكن أحدهم ولا أكاد أذكر بجانبهم ... اعانه الله وجعله من الصابرين .
الى اللقاء في الدرس الثالث من وقفات مع عيد الاضحى
مع تحياتي
د/ وليد الجوهري
الثلاثاء ديسمبر 09, 2008 7:57 am
